مبروك لنادي الوحدة، نادي البروليتاريا الغوباوية المطحونة.
د سناء مبارك //
كنا في الممدارة في زمن أقدم من هذا نشجع نادي الوحدة بأقوى قوتنا، ونحاكيه في الحارة بنادي أصغر من البروليتاريين الصغار الأهزل. كنتُ وبطريقة ما واحدة من هدّافي ذاك الزمان، وقت أن كنت بوزن ما تحت الريشة، وكان الأمر طبيعيًا أن نلعب فتيات وفتيان الكرة معًا، قبل أن تطحنني الحياة وأنسى أن البلنتي وضربة الجزاء واحدان. ثم تلقت شباكي في الحياة كما في المستطيل الأجرد في حارتنا هزائم بلا عد ولا حصر وقررت اعتزال كرة القدم، حفظًا لماء الوجه، والحقيقة أن ضربة صعبة تلقاها وجهي يوم أن لاعبنا شبيبة “حارة الجعافرة” المجاورة الأطول منا بكثير كانت كفيلة أن تهزم روحي للأبد، وبتُّ أراقب اللعبة من بعيد بنوع من تعالي الخبراء السابقين الذين لا يعجبهم لعب “دي الأيام”.
لو كنّا الآن في زمن سابق لكانت امتلأت بطوننا “بطاط بالحمر”، ونحن نسميه في أرض المطحونين “أبو حمر” لمزيد من التوقير. ذلك أن إيمان جارتنا كانت مجنونة كرة قدم وكانت تعشق النادي الأخضر وتوزع علينا خرقًا خضراء نعصبها على رؤوسنا، لم نكن نعلم ونحن نبدأ هذه الموضة بأن أصحاب العصائب والعمائم سيأخذون العلم عنا إلى نوع ما من “الأفورة”، وإن أغنية “اسمع جماهيرك يا وحداوي” ستتحول إلى “يا عاصب الرأس”.
كانت إيمان توزع علينا البطاطس احتفاءً بفوز الوحدة وكنا نختار بيت خالتي حيث خلدون التلالي العتيق يجلس حزينًا ونأكل أمامه ما يسّره الله على يد إيمان، وجبه النصر، كنوع من المكايدة. الآن إيمان تزوجت وذهبت لتعيش في مكان آخر وخلدون توفاه الله إلى جواره. وآكلي البطاط كبروا وتفرقوا في شرق الأرض وغربها، ولكن عيونهم لازالت شاخصة على الحارة القديمة وعدن التي عرفت النوادي قبل ٨٠ عامًا، قبل الجميع في الجزيرة العربية، وبين اليوم والأمس لازلنا نفرح بأبسط لقاء كروي ونعتبره علامة من علامات العافية.