مقالات وكتاب

عدن وصنعاء: مساران متعاكسان

حدثان متتاليان شهدتهما صنعاء، عاصمة الشمال، وعدن عاصمة الجنوب, الأول كان مؤتمراً لـ «تحالف القبائل اليمنية» ,أي حاشد وبعض بكيل, عُقد يوم السبت الماضي, في قاعة اليتيم، بمنطقة الحصبة المستوطنة الأحمرية المحمية! و بدعوة صادق الأحمر الابن الوارث لـ«مشيخة حاشد» العتيقة.

الحدث الثاني كان يوم الأحد، وكان عبارة عن ندوة فكرية، عُقدت في كريتر، قلب عدن, في قاعة الأرجوانة , بمحاذاة شاطئ خليج صيرة الشهير.. ندوة نظمها تيار «مثقفون من اجل جنوبٍ جديدٍ»، وجاءت الندوة تحت عنوان: «الشباب/الشابات نصف الحاضر وكل المستقبل».

حضرتُ أنا الندوة بعد أن تابعت في الليلة السابقة أعمال مؤتمر «قبُل حاشد وبعض بكيل» تحت راية زائفة وكاذبة اسمها «تحالف قبائل اليمن»! لقد تابعت، كغيري، الحدث من زاوية نظر جشطلتية, بكليته, وبكونه علامة ورمز سيميائي سوسيولوجي.. وأنا في قاعة الأرجوانة البسيطة الأنيقة المتواضعة وما حفلت به من نخبة نوعية هادئة من الحضور الكريم , إذا بالعبارة الشهيرة للنفري تقفز إلى ذهني لتستدعي صورة مشابهة قلتها في مداخلتي: إن كان المتصوف الشهير قد قال : «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة» , فاني أقول: «كلما بعدت المسافة اتضحت الرؤية»!

ثمة مسافة شاسعة بين عدن وصنعاء، مسافة يدركها الأعمى، ذلك لأنه لو حاولنا عمل مقارنة سريعة بين هذين الحدثين في صنعاء وعدن , لاكتشفنا كم كانت نسبة الغباء وطبقاته المتراكمة والمستفحلة عند النخب السياسية التي لم تر الفرق الشاسع عند الإعداد للتوقيع على وثيقة الوحدة , والتي أدخلتنا في أقبية هذه الكارثة الرهيبة والفظيعة..

قارنوا معي، ولكن بتجرد وأمانة ودقة و رغبة مخلصة في اكتشاف الفروق والاختلافات التي يستحيل تجاوزها , وانظروا إلى الحدثين بعين منصفة، حشد «قبائل صنعاء» , وندوة «شباب عدن», من مختلف الأوجه والزوايا والمستويات , الشكل والمضمون , الفاعلين والتفاعلات ,الممارسات والخطابات , الأهداف والغايات , العناصر والأدوات اللوجستية , قارنوا كل شيء , الزي والنبرة حركة العيون والوجوه , المكان والزمان , ستجدون الأمر شديد الدلالة والكشف والتجلي , وشاهد واضح وبرهان دامغ على هول الجريمة التي ارتكبت بحق دولة وشعب الجنوب المحتل والمقهور…

هل وصلت الرسالة , يا نخب الشمال؟.. وإلى متى سيظل هذا التعمد بغض الطرف وتصنع عدم الفهم؟؟! هل أعيد القول للمرة ألاف ( نادرا ما فهمتوني ونادراً ما فهمتكم , أما حينما نسقط كلنا في الوحل , حينئذ فقط نتفاهم )!! لقد فهم العالم كله الرسالة بوضوح, وقد عبّر عن جزء منها على لسان نائب السفير الألماني في صنعاء أمس , فهل وصلت؟.. سلام

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى