مقالات وكتاب

زمن علي ” حيرو ” !!

شخص يمتشق بندقيته فيخرج للنَّاس وكأنه علي حيرو زمانه . فعلي حيرو هذا ذاع أسمه وصيته في عدن إبان الستينات ؛ لكنه وعند مقارنة افعاله إذاك بأفعال علي حيرو الضالعي في وقتنا الراهن فبكل تأكيد المقاربة صعبة وعصية فعلى الاقل الاول كان فعله يتمتع بشيء من الشهامة والشجاعة والايثار وعلى عكس بطل قصتنا هذه الذي لا يتورع عن فعل كل ما هو مخجل ووقح ودنيء .

علي حيرو زمننا ليس شخص واحد او اثنين ، بل جماعة ناشزة منحطة دنيئة ميتة الضمير والاخلاق والرجولة . صبيان طائشة عدوانية ما فتأت تعيش بين ظهرانينا ووسط صمت رسمي ومجتمعي ونخبوي لا نعلم منتهاه ، فبينما غالب الناس منشغلون في مشكلاتهم اليومية تسلل هؤلاء غيلة وبغتة الى حياتنا .

ورويدا رويدا وامام تخاذل ولا مبالاة ومداهنة البعض نمت وازدهرت ظاهرة التقطع والقتل والسرقة والتخريب ، وبعيد بضعة اعوام فقط يكتشف الجميع بان ما كان بالأمس سلوكا نشازا ومخجلا بات اليوم شيئا عاديا ؛ بل ومشرفا .

في البدء كان الخطف فعلا غريبا وذميما ؛ لكنه وبمضي الوقت أخذ ينضي عنه العيب والشهامة وبدأ ينتشر كظاهرة مجتمعية جاذبة ومغرية لكثير من البشر وخاصة بين الشباب المأزومين الذين وجدوا في الانحراف ضالتهم المنشودة كيما يحققوا ذواتهم المريضة السقيمة بعلل وعاهات عدة ناتجة عن طفولة بائسة محرومة مضطهدة فضلا عن بيئة مجتمعية خاذلة قاسية أبت استيعابهم وادماجهم ضمن نسيجها ونظامها .

يا الله ما هذه الوحشية ؟ وما فعله اخوة يوسف بشقيقهم ؟ لا اولاد يعقوب كانوا ارحم والطف من هؤلاء الخاطفين الذين لم يكتفوا بسلب الرجل سلاحه وما في جيبه إذ قتلوه ومن ثم رموه في بئر وراحوا في سبيلهم ولكأن ما فعلوه شيئا تافها لا يستحق شفقة او رحمة او ندامة .

نعم كان القتل جرما فظيعا لا يحدث إلا نادرا واستثناء ، فحادثة قتل واحدة كانت كافية لعشرة اعوام أسى وحداد . البعض تجده يبرر الجريمة النكراء قائلا : أكتبوا عن فظائع جيشنا الهمام بحق الابرياء العزل الذين هلكوا وبلا رحمة او شفقة أو حتى مواساة وعزاء .

فعلي حيرو إذا ما هاج وغضب اليوم حمل سلاحه وراح فاتحا ليس للأندلس او لبلاد الخزر وإنما لأغطية انبوب الصرف الصحي  ملقيا في فتحات المجرى قوالبه الصلبة المصممة خصيصا لسد الانبوب المتواضع وتحويل مجراه من الاسفل الى الاعلى أو لسرقة خزانات مياه او كابل كهرباء او اتصالات او مداهمة مستشفى او مكتب بريد وووالخ من الاعمال الخارقة .

علي حيرو اليوم إذا ما هاج وماج نصب كمينا او نقطة في طريق كي ينهب ويسلب ويرهب . سيارته سرقه ، قاته لطشه ، بندقيته نهبه ، فعله نكره .علي حيرو وقتنا لا يكترث بأخلاق المتحاربين او يتحلى بشيم المقاومين ، فمفردات من هذا القبيل ليس لها وجودا في قاموسه وفعله المخجل المخزي .

الغدر لديه شجاعة ، والقتل بطولة ، والسلب بسالة ، والسرقة وظيفة مشرفة ، واهانة الخلق واذلالهم بسطوة الجبروت والعجرفة المسلحة كرامة وشهامة . الحرابة كفاح ، اخافة وترويع الآمنين والسالكين حظوة ، قطع الكهرباء شهرة ، رمي قنبلة او اطلاق رصاص على مسكن بمثابة بطولة ومجد  .

العجيب في ظاهرة علي حيرو انه لم يكتف بما حققه من سطوة وحظوة ، فمؤخرا وبعيد ان صارت افعاله مستنكرة محتقرة مستهجنة كان لزاما عليه واتباعه لأن يسلكوا دربا مغايرا يحفظ لهم بقائهم وسطوتهم ، فآخر ابتكاراته المدهشة نقطة وبرميل للجباية ، وأخر نضالاته زعيما لعصابة قتل وخطف وسرقة وترويع ونهب .

نعم فعلي حيرو ليس لديه مشكلة في يتحالف مع الشيطان ؛ فكيف إذا ما كان هذا الشيطان يشاطره الآن جرائمه المنكرة في بشاعتها وتوحشها ؟ وماذا يعني له في حال تركه ابريتا للفنان الجميل عبود خواجة مقابل ظفره بأناشيد ” الملاحم ” و” البشائر ” المعروفتين بتبعيتهما للقاعدة وداعش وانصار الشريعة وسواها من الجماعات الارهابية . 

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى