اغتيال الوطن باغتيال رموز نهضته
ما تعرض له الرمز الوطني الخبير والرائد القائد لحامل فكر التجديد الحضاري وآلياته السياسية، الدكتور ياسين سعيد نعمان، من محاولة اغتيال، وقبله الوزير المناضل واعد با ذيب، لا ينبغي الوقوف عند التنديد به وشجبه. بل لا بد من مواجهته بحزم، وتبدأ المواجهة من تعريته على الملأ بوصفه نهجا للقوى التقليدية التي ترفض الدولة المدنية أساسا، ومن ثم تسعى إلى محاربة كل من يتبنى فكر ا
لدولة أو يسعى الى تجسيدة في الواقع المعاش؛ لأن ذلك يهدد وجودها. وهو أمر كشف عن نفسه بجلاء بعد تحقيق الوحدة الوطنية مباشرة، إذ لم تكن موجة الاغتيالات المتلاحقة بحق كوادر الدولة الجنوبية من تدبير عصابات معينة أو أفراد بل كان عملا ممنهجا يتولاه نظام حاكم قائم داخل الحكومة التي قادت إليها شراكة الوحدة.
وهو الذي يحكم اليوم فعليا وإن اختلفت الأسماء. إنه النظام القائم على وعي القبيلة وثقافتها وآلياتها
، ولسنا بحاجة الى سرد الشواهد فكل مظاهر الواقع شاهدة.
إنه الصراع بين ثقافة القبيلة وهي ثقافة الحيلة والشطارة وبين ثقافة الحضارة المدنية، فإذا ما كانت الدولة المدنية تقوم أساسا على المواطنة المتساوية، وهذا يعني الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات، فإن ثقافة القبيلة ، وهي التي يجسدها النظام الحاكم ، تقوم على توزيع الناس إلى سلالات ومراتب، لا يحق للأدنى فيها أن يتطلع إلى ما يكون للأعلى، ويصير الوطن مغنمة موزعة بحسب هذه المراتب، كما يكون القانون كذلك ، فالقبيلة الحاكمة لا تطبق القانون إلا اذا كان في مصلحتها مجموعة أو افرادا، وإلا لجأت إلى العرف الذي تستثمر فيه ثقافة الحيلة والشطارة.
سلطة القبيلة لا تبني وطنا بل تستثمر الوطن وتحيله الى فيد، ولهذا هدمت القبيلة الحاكمة مؤسسات الدولة في الجنوب وأحالت الجنوب كله إلى فيد ، وبدلا من ذلك زرعت فيه مشائخا وقبائلا وأعرافا ولى زمانها؛ لتضعف الاحساس بالوطن وتنمي الاحساس بالقبيلة وثقافتها، ومن ثم تتحكم هي بوصفها قبائل حاكمة وارثة ومنتصرة.
سلطة القبيلة لا تبني وطنا وتقاتل من يسعى الى بناء الوطن؛ لأنه يقوض سلطتها ويهدم فرصها في العبث بموارده .
سلطة القبيلة لا تملك مشروعا حضاريا ولا طريقا إلى المستقبل؛ لأن مجدها وحقها في الحكم مشروط بإعادة انتاج الماضي وتعزيزه في وعي الناس.
سلطة القبيلة هي الكارثة التي قادت الجنوبيين إلى كره الوحدة بعد أن فقدوا بسببها دولتهم وثروتهم الوطنية ومستقبل وجودهم الحضاري .
فلا سلامة ولا عدل ولا مستقبل إذا ما بقيت القبيلة حاكما