مقالات وكتاب

ابن الرئيس الجديد الذي لا يتكلم الإنجليزية

عبد ربه يعيّن ابنه ناصر قائداً لألوية الحماية الرئاسية، دون أن يعلن أحد أن الرئيس الجديد قد عين ابنه قائدا بقرار جمهوري.
لقد عينه هكذا سكتة. والحاصل أننا ثرنا على محمد صدام فقط.
محمد صدام الذي كان يقرأ النشرة الإنجليزية من تلفزيون صنعاء، أسمر وسيم مليان إنجليزي وتصالح كأي تهامي أهلته الدراسة والمثابرة لأن يكون جيدا، ولم تؤهله الحياة للنجاة من مظالم انتمائه لتهامة.
قد تعرفون محمد صدام أكثر من معرفتكم ناصر عبد ربه. الأول كان يعمل في الترجمة للرئيس السابق، وأطاحت به الثورة، لأن الإطاحة بمترجم يمكن تسميتها “الإطاحة برجال الرئيس”.
مؤهلات الثاني الذي هو ناصر، هي أنه ابن الرئيس، وليس من تهامة، أما مؤهله الأهم فهو أننا هبلان وفاغرو الأفواه لا ندري نضارب ما تبقى من ابن الرئيس السابق، أم نسارع لحجز متاكئنا عند ناصر الجديد الذي لا يتكلم الإنجليزية!
لماذا هذا كله؟ وعلام؟ ولأجل من استشهد أمجد وأيمن وسالم ومحمد؟
هل سيرضيهم ضياع محمد صدام وحيدا بلا حصانة؟
لقد تمكنت السيدة هند الإرياني من كشف محمد صدام لوكالة رويترز، باعتباره متخفيا في طاقم علي عبدالله صالح، وكأنها كشفت هوية أحد رجال الجستابو الألمان بعد سقوط جدار برلين، وذلك إنجازها الثوري الذي تعيش على حسابه حتى اللحظة. وكانت توكل كرمان أعلنت من منتجعها الثوري خارج الوطن، مباركتها للعملية الجريئة التي نفذتها الفرقة الأولى ضد محمد صدام.
لا يمكن وصف هذا كله إلا بأنه ويلات بلد يقدم للحياة تجربة ثورية مدهشة في حدث تحول الى حالة من العته وغرابة الأطوار.
لا كلمات إضافية، ولا مرافعات لأجل محمد صدام، كأن أذكر مثلا أنه كان طيب القلب (لا أظنه سيحتفظ بطيبته تلك بعد العسف هذا كله). رجل كفء يمكنك مناداته بالجنتل مان، وهو الآن في الولايات المتحدة يشبه وضعية أقلية جديدة على المواثيق الدولية وضمانات حقوق الإنسان، وكل الذي كان يحتاجه محمد هو حماية شيء اسمه الأخلاق.
هكذا تتعاظم البطولات المنفرة الأشبه بسوط في يد غبي واهن يتجول بأشداق مكتظة وركبتين خاويتين، وحين يثور يختار محمد صدام ومن يشبه محمد صدام، والذين هم من بلاد محمد صدام أو من بلاد قريبة من شخصية المكان الذي يجعل المرء أعزل وهدفا للانفعالات الثورية الانتقائية ذات الصلة بالدناءة.
سيدفع كل عاثري الحظ حياتهم ومستقبلهم ترضية لثورة تحتاج لإطاحات على طاقتها، إطاحات مصغرة، وتمشي حال الأكاذيب الكبيرة حين يخفق الناس في الوصول الى أحلامهم، ويتحولون بالتالي الى جلادين في الصف الضعيف، وفي ما بينهم.
ولطالما تحول رفاق تاريخيون بسبب من فشلهم الى مجرمين وقوة عمياء تحفر في مفاصل عائلاتها بحثا عن العدو.
ذلك أن العدو الذي يستحيل عليك، وينأى، يتحول إلى ورم داخلك تتحسسه بضغينة العاجز. أو أن ابن الفلاح هو هكذا يلعب دور القربان، ينزف متلفتا، إذ قد يمر به كائن لا يزال يتحلى بالأخلاق.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى